top of page

هل يمكن تقييد الحق في حرية الفكر والوجدان والدين أو المعتقد؟

- خلود الفوزان


يُعد الحق في حرية العقيدة الدينية من الحقوق التي تتصل بالحالة المعنوية للفرد والتي لا يلزم على الإنسان الإفصاح عنها من خلال مكنون نفسه وما يجيش بها من خلجات قد لا يحب إظهارها أو يأنف ذلك. يقصد بالحق في حرية الدين والمعتقد في إطار منظومة حقوق الإنسان والمدرج في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948م ما نصت عليه المادة رقم 18: “لكل شخص حق في حرية الدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته في إظهار دينه أو معتقده والتعبد وإقامة الشعائر أو الممارسة بمفرده ومع جماعة وأمام الملأ أو على حدة“، إذ أن للفرد حرية اعتناق ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينية، ويعني ذلك، أن للإنسان الحق بأن يختار الدين الذي يشاء، وأن يمارس الشعائر المتعلقة به، فلا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. ومع ذلك، بموجب المادة 18 يجوز تقييد حرية المجاهرة بالدين أو المعتقدات على النحو المنصوص عليه في القانون وعند الضرورة لحماية السلامة العامة، أو النظام، أو الصحة، أو الآداب العامة، أو الحقوق والحريات الأساسية للآخرين.


لا تتضمن أسباب القيود المسموح بها الأمن القومي صراحةً، على الرغم من أن هذا بالطبع قد يكون جانبًا مشمولًا بقيود صريحة أخرى. وقد ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن القيود يجب أن تكون ضرورية لتحقيق الغرض المنشود، ويجب أن تكون متناسبة مع الحاجة التي تستند إليها القيود. على سبيل المثال، أيدت اللجنة شرطًا قانونيًا يقضي بأن يرتدي عمال السكك الحديدية أغطية رأس واقية لأغراض السلامة، حتى عندما كان هذا الشرط يحول دون ارتداء السيخ للعمامة. وفي حالة أخرى، وجدت اللجنة انتهاك عندما طلبت إحدى الجامعات من طالبة خلع الحجاب الذي كانت ترتديه لأغراض دينية.


وتنطوي حرية العقيدة الدينية على حركتين وهما: حرية العقيدة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية المتصلة بالعقيدة، فالعقيدة هي عبارة عن تصور للإنسان يحدد موقعه في الوجود وعلاقته بالكون وبما وراء الكون. ويقصد بحرية ممارسة الشعائر الدينية أن تمكن الإنسان من إعلان شعائر ملته، وإظهار طقوس عقيديه ليلًا ونهارًا، سرًا أو جهرًا، وأن يتعبد أو لا يتعبد بدين، وأن يباشر أو لا يباشر أي نشاط عقائدي حيث تحمي المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الحق في التفكير بحرية والاستمتاع بالأفكار، كما تحمي الحق في إظهار المعتقدات الدينية أو غيرها من المعتقدات، سواء بشكل فردي أو جماعي، وسواء من خلال العبادة، أو الاحتفال، أو الممارسة، أو التدريس.


لا يتنافى مع حرية العبادة وحرية العقيدة اعتناق الدولة لدين معين بحيث يكون دينا رسميًا لها، لأن اعتناق الدولة لدين معيّن يجب ألّا يؤثر على الشخص الذي يعتنق ديانة أخرى مخالفة وألّا يمنع من ممارستهم شعائر دينهم، طالما التزموا بحدود النظام العام والآداب العامة فالعبادات هي ممارسة الشعائر الدينية وهي مجموعة المناسك، أو الأفعال، أو الطقوس الواجب على الأشخاص القيام بها لإعلان طاعة الله. كما فسرت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الدين على أنه يشمل المعتقدات التوحيدية وغير التوحيدية والإلحادية، وذكرت أن الحق يشمل الحق في عدم اعتناق أي دين أو معتقد، كما يشمل الحق في تبني دين أو معتقد من اختيار الشخص، بما في ذلك الحق في ترك دين والتحول إلى دين آخر. كما لا يجوز للحكومة فرض قيود في شغل المناصب على أساس المعتقد الديني أو غيره، ولا يجوز لها فرض المعتقدات الدينية أو غيرها من المعتقدات. وقد تلتزم الحكومة أيضًا باتخاذ خطوات إيجابية عند المناسبات الضرورية لحماية هذا الحق، فقد يؤدي عدم القيام بذلك إلى اعتداءات مسيئة على المعتقدات الدينية.


لجميع الأشخاص الحق في التفكير بحرية، والاستمتاع بالأفكار وشغل المناصب على أساس المعتقدات الضميرية أو الدينية أو غيرها من المعتقدات. مع مراعاة بعض القيود، ويحق للأشخاص أيضًا إظهار المعتقدات الدينية أو غيرها من المعتقدات، عن طريق العبادة، وإقامة الشعائر، والممارسة، والتعليم.


أحدث منشورات

عرض الكل

مفهوم الحرب الباردة

- سارة العبدالحي الحرب الباردة، وصف غامض كثير التداول للمنافسة التي تحدث بين أي طرفان بينهما عدائية ليست بصريحة، فما هو أصلُ هذه الكلمة؟...

Comments


bottom of page