- سارة العبدالحي
الحرب الباردة، وصف غامض كثير التداول للمنافسة التي تحدث بين أي طرفان بينهما عدائية ليست بصريحة، فما هو أصلُ هذه الكلمة؟ ولما أُطلق عليها وصف الباردة خاصة؟
الحرب الباردة مصطلح ظهر خلال الفترة ما بين 1945م - 1991م عندما كان برنارد باروخ مستشار الرئيس الأمريكي يصف طبيعة العلاقة الراهنة بين الولايات المتحدة الامريكية وحلفاؤها، والتي كانت تسمى في هذه الحرب بالكتلة الغربية أو المعسكر الغربي، والاتحاد السوفيتي وحلفاؤه والذي كان يسمى بالكتلة الشرقية أو المعسكر الشرقي، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وبوصفهم المنتصرين فيها.
ليصف فيه نوع من المواجهة والصراع غير المسلح الذي كان بين الطرفين آنذاك، حيث كانت المواجهة من نواحي عدة سياسية وعسكرية وإعلامية، وهذا كله دون أن يعلن أحد الأطراف الحرب ضد الآخر.
والسبب في هذه المواجهة يرجع إلى السيادة التي يطمح لها كلا الطرفان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، حينما كان لكل من القوتين الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي القدرة في السيطرة على العالم أجمع، لولا أن القوة الأخرى تعرقله عن ذلك، وللتخلص من القوة الأخرى كان لابد من محاربتها بسبل بريئة غير مباشرة، فحرص كل طرف على استغلال وسائل الإعلام لتهميش وتشويه سمعة الطرف الآخر، وعلى بدء سباق بين كلا الطرفين في مجالات رائدة، كالعلوم، والصناعة، والرياضة، والفضاء.
توصلت الأمور بعد ذلك إلى اتهامات متبادلة من كلا الطرفين، ومن هذه اتهام الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بنشر الاتحاد السوفيتي للفكر الشيوعي، بينما اتهم الاتحاد السوفيتي الولايات المتحدة بنشر الإمبريالية، وتضاعفت الشكوك والاتهامات إلى أن أوحى ذلك باندلاع حرب عالمية ثالثة تهدد العالم.
كما أن التجسس على أسرار مجتمع الدولة المعادية أخذ دورًا ملحوظًا وهامًا في هذه المنافسة العدائية بين الطرفان، لوصفه وسيلة سهلة في الكشف على مخططات ومعلومات الطرف العدو، ومن ذلك فعل الحكومة السوفيتية عندما أهدت السفير الأمريكي افيريل هاريمان في موسكو لوحة خشبية تحمل شعار السيادة والاستقلال الأمريكي، تعبيرًا عن الود المتبادل بين الدولتين، وخلال وجود هذه اللوحة في مكتب السفير كان السوفييت يستمعون إلى كل ما يدور داخل مكتب السفير الأمريكي؛ لاشتمال اللوحة على جهاز تنصت، وهذا ما اضطرت به الولايات المتحدة الأمريكية إلى هدم سفارتها الموجودة في موسكو بالكامل وإعادة بناءها من قبل مقاولين أمريكان؛ للتثبت من عدم اشتمال المبنى على أي وسائل تنصت وتجسس من السوفييت.
استمرت الحرب الباردة في مواجهات غير مباشرة مستمرة، إلى أن قامت عدة صراعات مسلحة بسببها، كحرب كوريا، والغزو السوفيتي لأفغانستان، كما شهدت هذه الحرب عدة أزمات كادت تقوم بها حرب نووية ساخنة تهدد مستقبل البشرية، ومن أبرز هذه الأزمات: أزمة جدار برلين في عام 1961م، وأزمة الصواريخ في عام 1962م.
خُتمت الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي، تاركًا الساحة للولايات المتحدة بوصفها القوى العظمى الوحيدة في العالم، وبذلك بدأ النظام العالمي الجديد الذي دشنه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، والذي يمنح الولايات المتحدة الانفراد بالسياسة العالمية، وتطويعها وفقًا لمصالح ورغبات أمريكية، مع حرية التدخل في شؤون الدول الأخرى، إلى أن أصبح العالم يتشكل وفقًا لنمط أمريكي بحت، دون أي مراعاة أو حد لخصوصيات الدول الدينية والاجتماعية والثقافية.
Comentarios