top of page

محكمة العدل الدولية والنزاعات الدولية

-ترجمة: بتول الشيباني


هل تعد محكمة العدل الدولية وسيلة فعالة للتسوية السلمية في النزاعات الدولية؟

أصبحت التسوية السلمية للنزاعات الدولية مبدًأ أساسيًا في العلاقات الدولية منذ اتفاقية لاهاي عام ١٨٩٩ والتي اعتمدتها عصبة الأمم عام ١٩٢٠ مما أولى اهتمامًا كبيرًا للقضاء الدولي والذي حاول أن يفرض نظامًا يجبر الدول على حل نزاعاتها قبل أن تؤدي إلى الحروب، حيث أدت تلك المساعي إلى إنشاء محكمة عدل دولية دائمة بموجب المادة ١٤ من معاهدة عصبة الأمم. وبالرغم من أن القضاء الدولي هو من أنشأ هذه المحكمة إلا أن قواعدها وإجراءاتها مستقلة تمامًا. كما أدت الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩إلى زوال محكمة العدل الدولية الدائمة وعصبة الأمم.


أثناء مناقشات ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو، كان هناك قرار سياسي مهم لإنشاء محكمة دولية مع استمرارية عمل محكمة العدل الدولية الدائمة. طُبق هذا القرار في المادة ٩٢ والمادة ٩٣من ميثاق الأمم المتحدة. كما أُنشئت محكمة العدل الدولية باعتبارها الهيئة القضائية التابعة لمجلس الأمن ونظامها الأساسي جزء لا يتجزأ من ميثاق المنظمة وبأن أعضاء الأمم المتحدة أعضاء أيضًا في النظام الخاص للمحكمة.

تتحمل محكمة العدل الدولية مسؤولية عظمى على عاتقها فيما يخص حل النزاعات الدولية. يُشير ميثاق الأمم المتحدة في المادة الأولى للأهداف السامية إلى أخذ كافة الإجراءات المشتركة الفعّالة لمنع وإزالة أي تهديد للأمن والسلم، وقمع أعمال العدوان أو أي انتهاكات أخرى، وتسوية النزاعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم بالوسائل السلمية ووفقًا لمبادئ العدالة والقانون الدولي. وقد أُنشئت محكمة العدل الدولية لتحقيق هذه الأهداف ولإرساء العدالة وتجنب الحروب. وبما أن المحكمة هي المرجع الرئيسي في القانون الدولي وتفسيره وتطبيقه فلا يؤخذ أي قرار بشأن القانون الدولي دون الرجوع إليها.


نشأة محكمة العدل الدولية:

على الرغم من فشل عصبة الأمم وجميع هياكلها في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين واندلاع الحرب العالمية الثانية إلا أن فكرة إنشاء محكمة دولية لتسوية النزاعات بين الدول كانت حاضرة في أذهان القوى المتحالفة خلال الحرب العالمية الثانية.

كانت فكرة محكمة العدل الدولية إحدى الأفكار الرئيسة التي قُدمت في ذلك الوقت حيث قدمت القوى المتحالفة بعض الاقتراحات بعد انتهاء الحرب لإنشاء منظمة عالمية جديدة للقيام بدور قيادي للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. وقد أثمرت هذه النتائج في اعتماد ميثاق الأمم المتحدة، الذي وُقع عليه في ٢٦ حزيران/يونيو من عام ١٩٤٥


تنظيم المحكمة:

تتألف المحكمة من ١٥ قاضيًا تنتخبهم الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها لمدة تسع سنوات وفقًا للفصل الأول من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية. وتعقد الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد كما يجوز إعادة ترشيح القضاة المتقاعدين. ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم ويعتبرون قضاة مستقلون. ويجب أن يتمتع القضاة بالمؤهلات اللازمة لتعيينهم في أعلى المناصب القضائية في بلادهم أو أن يكونوا محامين أكفاء للمرافعة في القانون الدولي العام، ويجب أن يعكس تشكيل المحكمة الحضارات الرئيسة والنظم القانونية الرئيسة في العالم.


هل تكمن المشكلة في الثقة؟

كما نلاحظ عند استعراض تاريخ محكمة العدل الدولية منذ عام ١٩٤6 أن المحكمة لم تكتسب ثقة الشعوب والأمم. وحتى عام ١٩٧٥ لم يتعامل مع المحكمة سوى ٣٤ دولة من أصل ١٣٢ دولة عضو في الأمم المتحدة. وتقدمت ٨ دول من هذه الدول للمحكمة مرة واحدة فقط. وسبعة من هذه الدول الثمانية مصنفة جغرافيًا بما يدعى (أوروبا الغربية أو الديموقراطيات الناطقة بالإنجليزية). وحتى عام ١٩٧٥ لم يتعامل من الدول الإسلامية مع المحكمة سوى إيران وباكستان. وفي عام ١٩٥١ قدمت بريطانيا شكوى بشأن مسألة شركة النفط الأنجلو – الإيرانية وادّعت بأن إيران انتهكت القانون الدولي واتفاق الامتياز الممنوح للشركة. ودافعت إيران عن قرارها بتوطين النفط وبأن لها الحق في السيادة على مواردها الطبيعية.


الخاتمة:

يرى بعض الكتّاب المتفائلين أن محكمة العدل الدولية قد يكون لها أهمية أكبر في القرن الجديد مقارنةً بسجلها التاريخي. كما ارتفع عدد القضايا المحالة إلى المحكمة ارتفاعًا كبيرًا منذ انتهاء الحرب الباردة في بدايات القرن التاسع عشر وانهيار الكتلة الشرقية. ويُسجل العديد من القضايا في قائمة المحكمة كل عام مما يشير إلى أن المحكمة بدأت في اكتساب ثقة الدول في جميع أنحاء العالم.



مقتبس من موقع LawTeacher

أحدث منشورات

عرض الكل

مفهوم الحرب الباردة

- سارة العبدالحي الحرب الباردة، وصف غامض كثير التداول للمنافسة التي تحدث بين أي طرفان بينهما عدائية ليست بصريحة، فما هو أصلُ هذه الكلمة؟...

Comments


bottom of page