في مؤتمر القمة الإسلامي الثالث المنعقد في مكة المُكرمة عام ١٩٨١م. أُصدر قرار رقم ٣/١١ س (ق أ) بشأن انشاء "محكمة العدل الإسلامية الدولية" لتكون فيصلاً للنزاع الناشئ بين الأعضاء.
نص النظام الأساسي للمحكمة في مادته الأولى أن تكون المحكمة الجهاز القضائي الرئيسي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وجعل مقرها مدينة الكويت إلا أنه يجوز عند الضرورة أن تعقد جلساتها في أي دولة من أعضاء المنظمة وذلك وفقاً للمادة الثانية من النظام الأساسي للمحكمة.
تتألف محكمة العدل الإسلامية من سبعة قضاة، ينتخبون من قبل المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. ولا يجوز انتخاب أكثر من عضو من رعايا دولة واحدة. فإذا انتخب عضو يحمل أكثر من جنسية من بين جنسيات الدول الأعضاء، عُدّ من جنسية الدولة التي يُمارس فيها حقوقه المدنية والسياسية وذلك وفقاً للمادة الثالثة من النظام الأساسي للمحكمة. كما اشترطت المادة الرابعة من النظام ذاته أن يتوفر في المرشح لمنصب القاضي عدة شروط، أولاً أن يكون مُسلماً عدلاً من ذوي الصفات الأخلاقية العالية، ثانياً أن يكون من رعايا إحدى الدول الأعضاء في المنظمة، وألّا يقل عمره عن أربعين عاماً، كما يجب أن يكون من فقهاء الشريعة المشهود لهم، وله خبرة في القانون الدولي، ومؤهلاً للتعيين في أرفع مناصب الإفتاء والقضاء في بلاده.
حدد النظام الأساسي لمحكمة العدل الإسلامية الدولية، في مادته ٢١، أن الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، هي وحدها صاحبة الحق في التقاضي أمام المحكمة. كما أضافت المادة في الفقرة الثانية، أن الدول غير الأعضاء لها الحق أيضاً في اللجوء إلى المحكمة للنظر في المنازعات، التي تكون أطرافاً فيها، وذلك لشرطين، أولاً: موافقة وزراء الخارجية، ثانياً: إعلان الدول غير الأعضاء قبولها مقدماً اختصاص المحكمة والتزامها بأحكامها كما تقوم المحكمة بتقدير ما تدفعه هذه الدول من مصاريف للتقاضي. وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة، للدول فقط ممثلة بحكوماتها الحق في التقاضي أمام المحكمة وهذا عكس المحكمة الأوربية لحقوق الانسان إذ يجوز للأفراد التقاضي أمامها. ويشمل اختصاص المحكمة القضائي، على النظر في المنازعات، التي تتفق دول الأعضاء على إحالتها إليها، والمنازعات المنصوص على إحالتها إلى المحكمة في أي معاهدة أو اتفاقية نافذة، وتفسير المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وبحث أي موضوع من موضوعات القانون الدولي، وتحقيق في الوقائع التي تمّ إثبات خرقها لالتزامٍ دوليّ، وتحديد التعويض المترتب عليها وذلك وفقاً للمادة الخامسة والعشرون للنظام الأساسي للمحكمة. فمن ذلك يتضح لنا أن اختصاص المحكمة هو اختصاص اختياري ويجوز للدول الأعضاء في المنظمة أن تصرّح بقبول الاختصاص الإلزامي للمحكمة للفصل في المنازعات القانونية، التي تنشأ بينها وبين كل دولة تقبل الالتزام ذاته وفقاً للمادة السادسة والعشرون من النظام الأساسي للمحكمة.
تعد الشريعة الاسلامية المصدر الأساسي الذي تستند عليه المحكمة مع وجود مصادر أخرى ثانوية (استرشادية) منها القانون الدولي، والأعراف الدولية، والاتفاقيات الدولية، والمبادئ العامة للقانون الدولي، والاحكام الصادرة من المحاكم الدولية، ومذاهب كبار فقهاء القانون الدولي في مختلف الدول. وتعد الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الاسلامية قطعية غير قابلة للطعن. كما يجيز النظام للمحكمة وفقاً للمادة الثانية والأربعون أن تفتي في المسائل القانونية غير المتعلقة في النزاع المعروض عليها ويكون حق طلب الفتوى (الاختصاص الإفتائي أو الرأي الاستشاري) من أي هيئة مخولة بذلك من قبل مؤتمر وزراء الخارجية. كما يجوز للمحكمة وفقاً للمادة السادسة والأربعون أن تقوم بالوساطة[1]، والتوفيق[2]، والتحكيم[3] في المنازعات التي قد تنشب بين عضوين أو أكثر إذا أبدت الأطراف رغبتها في ذلك، أو إذا طلب ذلك مؤتمر القمة الإسلامي، أو المؤتمر الإسلامي لوزراء الخارجية، ويكون ذلك عن طريق لجنة من الشخصيات المرموقة، أو عن طريق كبار المسؤولين في جهازها.
في الختام، دعا الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي دول الأعضاء إلى المصادقة على "نظام محكمة العدل الإسلامية الدولية" الذي تم إقراره مجدداً ضمن الخطة العشرية للمنظمة في قمة مكة الاستثنائية. ويشير البعض، أن السبب في عدم مصادقة بعض دول الأعضاء على النظام هو عدم اشارة بعض هذه الدول للشريعة الاسلامية كمصدر أساسي للتشريع في دساتيرها.
[1] الوساطة: درجة متقدمة من المساعي الحميدة يقترح فيها الوسيط حلول للنزاع.
[2] التوفيق: قيام لجنة بدراسة نزاع لتقديم حلول وتوصيات تهدف إلى حله.
[3] التحكيم: يقصد به التحكيم الدولي المتمثل في قيام محكمة دولية تشكلها الأطراف المتنازعة يحددون اختصاصها والإجراءات المتبعة ومصادر القانون الدولي الذي تبقه.
Comments