- ترجمة: ياسمين القحطاني
أرسلت الصين عددًا من الطائرات العسكرية إلى «منطقة تحديد الدفاع الجوي» في تايوان في الأيام الأخيرة، ممّا زاد المخاوف الإقليمية بشأن خطر التصعيد العسكري أو اندلاع حرب مباشرة.
وحتى الآن لم يُصب شعب تايوان بالذعر، ولكنه يقظٌ جدًا، فكيف لم يفقدوا رباطة جأشهم حتى الآن وطبول الحرب بدأت تُقرع؟
يعود سبب ذلك إلى إلمام شعب تايوان بأساليب ضغط الصين العسكرية، وربما أصبح لدى التايوانيين حالة عدم اكتراث تجاه خطر اندلاع الحرب نتيجة عيشهم لعقود في ظروف مشابهة.
- لماذا تحلق العديد من الطائرات الصينية بالقرب من تايوان؟
يرى العديد من التايوانيين بأن العرض العسكري الصيني ما هو إلا استعراض أكثر من كونه استعداد لغزو شامل، ولكن هناك عدة أسباب وراء «استعراض القوة» الذي قامت به الصين في الأيام الأخيرة، الأمر الذي يشير إلى أهداف قصيرة ومتوسطة المدى.
يخدم الضغط العسكري الذي تقوم به الصين في الترويج للرئيس الصيني شي جين بينغ وأجندته السياسية محليًا، فتتمثل الفكرة السياسية لشي في الترويج لـ «حلم الصين» لشعبه، والذي يستلزم أن تصبح «أمة قوية بجيش قوي».
وكانت الصين قد احتفلت بعيدها الوطني في الأول من أكتوبر، لذا يُعد عرض القوة للعامة تجسيدًا بصريًا لِـ"حلم الصين"، كما أن صحيفة «غلوبال تايمز» الوطنية في الصين وصفت غارات الطيران بأنها شكل من أشكال «الاستعراض العسكري».
وفي هذا المنعطف الحرج، وبينما يواجه شي معارضة داخلية كبيرة، يبدو أن خيار استعراض القوة هو الأداة المناسبة لتوليد مشاعر مؤيدة للوضع الراهن واستغلال حب الشعب للوطن، ومهما حدث فإن شي غالبًا سيظل الزعيم الأعلى، ولكن هذا الاستعراض القومي يزيد من فرص تولي أتباعه لمناصب مهمة تحت منصب شي تمامًا.
- تشكيل السياسة الصينية لحزب المعارضة في تايوان:
انتخب حزب المعارضة الرئيسي في تايوان، الكومينتانغ The Kuomintang (KMT)، زعيمًا جديدًا بعد حملة حزبية ركزت في المقام الأول على سياسة تايوان في التعامل مع الصين.فقد أحرز الرئيس الجديد إريك تشو فوزًا بنسبة ٤٥٪ من الأصوات، وقد وعد تشو منذ ذلك الحين بالسماع لأصوات اتباع حزبه، وتعهد باستئناف المحادثات المتوقفة مع الصين.
- مواجهة التهديد العسكري الصيني لتقليل الخسائر:
على الرغم من تزايد أعداد الطائرات الحربية الصينية لم يشعر شعب تايوان بالجزع حتى الآن، وهذا يعود إلى تضاؤل التأثير مع مرور الزمن نتيجةً لتعوّد الشعب على هذا النوع من الاستفزازات العسكرية الصينية، حيث يعيش شعب تايوان تحت الضغوطات العسكرية والسياسية الصينية لمدة تزيد عن ربع قرن.
وفي الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأولى في تايوان عام 1996، أقام جيش التحرير الشعبي الصيني تجارب صاروخية واسعة النطاق في منطقة مائية بالقرب من تايوان. ومن بعدها أصبحت الصين تقوم بتدريبات عسكرية حول تايوان بما في ذلك تحليق الطائرات العسكرية فوق المناطق المجاورة للجزيرة.
- لماذا لا تزال بكين تلجأ إلى هذه الأساليب المنفرة إن كان هدفها التوحيد؟
أحد التفسيرات لذلك هو أن بكين صبت جهودها في ردع تايوان من مواصلة حركتها نحو الاستقلال بدلًا من تعزيز التوحيد، لذا فهي مستعدة لمقايضة التوحيد بالاستقلال، أي أن بكين قد لا تكون حريصة على التوحيد في أي وقتٍ قريب.
وبدلاً من ذلك، فإن بكين على استعداد للمخاطرة بخسارة العلاقات في تايوان، على أمل استعادة زمام المبادرة يومًا ما. ولذلك، فإن ردع حركة تايوان نحو الاستقلال قد تكون كافية لكسب الوقت الذي تحتاجه الصين.
- ما خطة بكين النهائية إذًا؟
وفقًا للجنرال كياو ليانغ، فإن الخطة هي «الصبر الاستراتيجي»، مما يعني الانتظار إلى أن يختل التوازن العسكري لصالح الصين، فلا يُستخدم الخيار العسكري إلا عند استطاعته على أن يستحوذ على تايوان استحواذًا كاملًا ويمنع التدخل العسكري الأمريكي.
أما سياسيًا، تهدف بكين إلى استخدام قوة اقتصادها لجذب الشباب التايواني واستعادة الدعم التايواني. وفي هذا التوجه، تحل المحفزات الاقتصادية محل القوة الناعمة التي تفتقر إليها بكين في الوقت الراهن.
مما يتماشى مع الفكر الماركسي، والذي يعد أمرًا أساسيًا في مبدأ الشيوعية الصينية. وباتباع هذا الفكر، فإن الصلات المبنية على البنية التحتية (المصالح المشتركة المادية والاقتصادية) أطول أمدًا من الصلات المبنية على البنية الفوقية (التوافق الفكري أو العاطفي).
ويتمثل التحدي الذي يواجه تايوان والمجتمعات ذات التفكير المماثل في الغرب في إثبات مرونة قيمهم الديمقراطية والليبرالية المشتركة وتوحيد صوتهم لمنع الصين من النظر إلى تايوان كهدف سهل.
ولن تتمكن تايوان من تخفيف خطر التصعيد العسكري وضمان تطور الصين وتقدمها بدون إلحاق الضرر لتايوان في المستقبل إلا من خلال التعاون الوثيق مع الديمقراطيات الأخرى ذات التفكير المماثل مما يصب في مصلحة المنطقة والصين ذاتها.
مقتبس من موقع The conversation
Wen- Ti Sung
Comments