-رسيل المهيدب
كانت ولا زالت المملكة العربية السعودية تتخذ مواقف تساهم في نشر مبادئ العدل والسلام والأخوة والتضامن بين شعوب العالم، وتسعى دومًا إلى نصرة المظلوم من الدول العربية والإسلامية وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وفي عهد الملك فيصل استمرت المملكة في نهجها الداعم بكل الوسائل للقضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأهم، كما تعززت علاقات المملكة بعدد من الدول الافريقية.
القضية الفلسطينية:
كانت القضية الفلسطينية هي الشاغل الأول لجلالة الملك فيصل وكان لها تأثير كبير على علاقات المملكة الخارجية، وقد تمسك جلالته بطرح القضية في كل مناسبة دولية يحضرها، وقام بزيارة الدول الإسلامية للاجتماع مع رؤسائها ومخاطبة شعوبها لكسب تأييد العالم الإسلامي للقضية. وخلال انعقاد القمة العربية الأولى عام 1964م دعمت الدول العربية بما فيها المملكة إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية لكي يحظى الشعب الفلسطيني بالتمثيل في المنظمات والمؤتمرات الدولية، وكان للمملكة دور بارز على الصعيد الدولي في حصول المنظمة على الاعتراف والقبول الدوليين كممثل شرعي ووحيد عن الشعب الفلسطيني. وفي عام 1967م وصل التوتر بين الدول العربية (مصر، سوريا، الأردن) وإسرائيل إلى أوجه مما أدى إلى اندلاع حرب بين الطرفين وقفت فيها المملكة إلى جانب الدول العربية حيث أعلنت التعبئة العسكرية الكاملة ووضعت جميع القوات الشمالية تحت تصرف القيادة الأردنية التي كانت تضم 55 ألف جندي عربي، وأرسلت أكثر من 20 ألف جندي. ونتج عن تلك الحرب احتلال إسرائيل للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية وشبه جزيرة سيناء المصرية. وبعد تلك المواجهة وضع الملك فيصل جميع موارد بلاده تحت تصرف الأردن في الحرب ضد إسرائيل وتركت المملكة جميع ما تملكه من طائرات في عهدة السلاح الجوي الأردني. وشارك الجيش السعودي في الجبهة الأردنية وقدم خلالها العديد من الشهداء. كما قدمت المملكة المساعدات المادية للدول العربية التي تضرر اقتصادها وبنيتها التحتية نتيجة للحرب وبشكل خاص دولتي مصر والأردن.
ولعبت المملكة دوراً محورياً فيما عرف بحرب أكتوبر عام 1973م، حيث شاركت القوات السعودية في الحرب ووظفت المملكة النفط كسلاح (بالتعاون مع الدول العربية المنتجة للنفط) للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأوروبية على خلفية دعمها إسرائيل بالسلاح وذلك عبر قطع النفط بشكل كلي عن كل من الولايات المتحدة وهولندا والبرتغال، وقطعه بشكل جزئي عن الدول التي دعمت سياسياً موقف إسرائيل، كما خفضت من إنتاجه في سبيل رفع أسعار الطاقة مما أدى إلى تعرض الدول الغربية المتأثرة إلى فترة من الكساد الاقتصادي.
منظمة التعاون الإسلامي:
وفي إطار جهود الملك فيصل لتعزيز العلاقات بين الدول الإسلامية لدعم قضايا المسلمين وعلى رأسها القضية الفلسطينية، دعمت المملكة إنشاء منظمة تجمع الدول ذات الأغلبية المسلمة. وعُقدت قمة تاريخية في الرباط عاصمة المملكة المغربية عام 1969م (على خلفية جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة) لإنشاء منظمة التعاون الإسلامي. وكانت المملكة من الأعضاء المؤسسين للمنظمة، وتٌعد هذه المنظمة ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة حيث تضم في عضويتها 57 دولة تتوزع على أربع قارات. وتُمثل هذه المنظمة الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتهدف إلى حماية مصالح العالم الإسلامي وتدعم السلم والتضامن الدوليين وتعزز تكوين العلاقات مع بقيّة الدول الأخرى. وتم إنشاء الأمانة العامة للمنظمة عام 1970م ومقرها جدة.
الانفتاح على افريقيا:
واستكملاً لجهود الملك فيصل في توحيد الجبهة الإسلامية، واستشعاراً من جلالته للدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الافريقية تجاه قضايا العالم الإسلامي قام بجولة إلى عدد من الدول الافريقية منها تشاد والنيجر وغينيا والسنغال ومالي والصومال، نتج عنها تعزيز للعلاقات السعودية – الافريقية، والعلاقات العربية – الافريقية، كما قامت معظم تلك الدول بقطع علاقاتها مع إسرائيل بعد تلك الجولة. وأنشأت المملكة العديد من المراكز العلمية والثقافية والدينية في عدد من البلدان الافريقية بهدف نشر الدعوة الإسلامية وتبصير المسلمين بعقيدتهم السمحة.
Comentarios