-نجود آل بقيّه
شهدت المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- فترة تزاحمت فيها الأحداث والنزاعات وبشكل خاص العربية منها. وقامت المملكة كعادتها بالمبادرة لإحلال السلام والتوسط للصلح بين أطراف النزاع، ومد يد العون لجاراتها من الدول المحتاجة إلى العون المادي أو العسكري.
مبادرة السلام العربية:
استمرارًا لجهود المملكة في دعم القضية الفلسطينية، واصل الملك فهد الدعوة لتطبيق مبادرة السلام العربية التي سبق أن طرحها في اجتماع القمة العربية في فاس عام 1981م حين كان وليًا للعهد، وتتضمن المبادرة انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967م وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عليها، وتحصل "إسرائيل" بالمقابل على الاعتراف العربي بها.
الحرب العراقية الإيرانية:
بدأت الحرب العراقية الإيرانية (حرب الخليج الأولى) في عام 1981م واستمرت حتى عام 1988م، وخلال سنوات الحرب ساندت المملكة العراق بتقديم القروض المالية والمعدات العسكرية وغيرها لكيلا يهزم أمام إيران. وكانت مساعدات المملكة في البداية تقدم بشكل سري لكيلا تثير حفيظة إيران، حيث أن المملكة كانت تسعى إلى التوصل إلى إنهاء الحرب وتجنب كل ما من شأنه اتساع رقعتها، لكن دعم المملكة للعراق لم يبق سرًا لمدة طويلة. وكنتيجة للدعم الذي تقدمه المملكة للعراق تعرضت إلى هجمات عسكرية وإرهابية، فقد قامت طائرات حربية إيرانية بمحاولة لاستهداف الدمام ولكن الطائرات السعودية أسقطتها في مياه الخليج العربي، وقامت جماعة حزب الله الممولة من إيران بتفجير السفارة السعودية في لبنان. ولمواجهة محاولات الاختراق الإيرانية أعلنت المملكة أنها ستسقط أي طائرات إيرانية تتجاوز نقطة محددة في المياه الدولية الفاصلة في منتصف الخليج العربي بين الحدود البحرية بين المملكة وإيران وأصبحت هذه النقطة تعرف باسم (خط فهد) وبعد ذلك كررت إيران محاولتها عبر طائرة حربية وتم إسقاطها.
الوفاق الوطني اللبناني (اتفاق الطائف):
سعت المملكة منذ بدء الحرب اللبنانية الأهلية في عام 1975م إلى الوصول لحل يضمن الاستقرار والأمان للبنان وشعبه. وقامت المملكة بدور الوسيط بين أعضاء مجلس النواب اللبناني، حيث استضافت المملكة عام 1989م أعضاء مجلس النواب اللبناني في مدينة الطائف للتفاوض بشأن إنهاء الحرب اللبنانية الأهلية، وإنهاء الخلافات الطائفية وترتيب خروج القوات العسكرية السورية من لبنان. ونصّت اتفاقية الطائف على سيادة واستقلالية لبنان كدولة برلمانية ديموقراطية، وتحريرها من الاحتلال "الإسرائيلي"، كذلك تضمنت عدة إصلاحات سياسية وإدارية.
الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج الثانية:
اتخذت المملكة موقفًا داعمًا للكويت حكومة وشعبًا منذ بداية الغزو العراقي للكويت عام 1990م، وبذلت المملكة أقصى جهودها لتحرير الكويت ومساعدة شعبها، واستقبلت العائلة الكويتية الحاكمة وأفراد الحكومة الكويتية في أولى أيام الغزو، وفتحت حدودها لاستقبال المواطنين الكويتيين وتوفير المأوى والغذاء والماء وتقديم التسهيلات الأخرى. أمّا على الصعيد الدبلوماسي، قامت المملكة بتسخير علاقاتها الدولية لحث الدول على الوقوف بجانب الكويت وإدانة ما قام به العراق. كما تواصلت المملكة مع الولايات المتحدة الأمريكية لإمدادها بالدعم العسكري لمواجهة احتمال هجوم غادر آخر من قبل العراق على مناطقها الشرقية، ولاحقًا أصبحت أراضي المملكة منطقةً لتمركز القوات العسكرية لدول التحالف المكونة من 30 دولة من أرجاء العالم. وكان رد العراق على موقف المملكة الداعم للكويت هو إطلاق صواريخ سكود على مدينتي الرياض والظهران بمجموع 40 صاروخ وتمكنت قوات التحالف من اعتراض معظمها، إلا أن بعضها سبب خسائر بشرية ومادية. وتعرضت المملكة لاعتداء عراقي آخر عندما اقتحمت القوات العراقية مدينة الخفجي واندلعت على إثر ذلك معركة الخفجي التي انتهت باستعادة قوات التحالف السيطرة على المدينة وبرز فيها دور قوات الحرس الوطني السعودي.
Comments