-رسيل المهيدب
شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالله تطورًا بارزًا في مختلف القطاعات، ومن بعض الإنجازات البارزة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وزيادة عدد الجامعات والكليات، وتوسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي، والأمر بإنشاء عدد من المدن الاقتصادية في المملكة. وعلى المستوى الدولي قامت المملكة بإنشاء المركز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وبذلت جهود حثيثة للحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة. ونتيجة لتلك الجهود حصل الملك عبد الله على العديد من الأوسمة منها الميدالية الذهبية وهي أعلى وسام تمنحه منظمة اليونسكو تقديرًا لجهوده في تعزيز ثقافة الحوار والسلام، ونال على وسام التميز من المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية لأكثر الشخصيات تأثيرًا في العالم من قائمة الملوك والرؤساء وكبار السياسيين.
أزمة لبنان:
في يوليو 2006 قامت "إسرائيل" بالاعتداء عسكريًا على بيروت وكان للمملكة موقف واضح في ظل هذه الأزمة حيث أدانت تلك العمليات العسكرية ودعت المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته لإيقاف الانتهاك الإسرائيلي وحماية الشعب اللبناني وحذرته من خطورة الوضع في المنطقة. وتم التوصل إلى وقف الغارات "الإسرائيلية" على العاصمة اللبنانية والهجوم البري على جنوب لبنان. ولم تكتفي بالتحرك السياسي حيث شعرت بالمأساة الإنسانية التي خلفها العدو على لبنان فوجّه الملك عبدالله الدعوة لإقامة حملة تبرعات شعبية كما وجّه بدعم المصرف اللبناني المركزي ودعم اقتصاد لبنان، واستجابة لنداء رئيس وزراء لبنان حينها فؤاد السنيورة قدمت المملكة مساعدات مالية تصرف على الاحتياجات الإغاثية العاجلة وتوفير الخدمات اللازمة للتخفيف من معاناة الشعب اللبناني.
أزمة السودان وتشاد:
مرت العلاقات السودانية التشادية بسنوات من الاضطراب والتأرجح ما بين الهدوء النسبي من جهة والتصعيد من جهة أخرى. وتتهم تشاد الخرطوم بانتهاك سيادة أراضيها والتدخل في شأنها الداخلي والسعي للإطاحة بنظامها، من جانبها تتهم الخرطوم انجيمينا بدعم المسلحين في دارفور بشكل مباشر وغير مباشر مما فاقم من الأوضاع المتوترة هناك. وفي إطار قيادة المملكة للعالم الإسلامي ودورها البناء في حل الأزمات قام الملك عبدالله بإصلاح بين الرئيسين السوداني والتشادي وتم في مايو 2007م في الرياض التوقيع على اتفاق ثنائي لتطوير وتعزيز العلاقات بين جمهورية السودان وجمهورية تشاد.
الثورات العربية:
تسعى المملكة دومًا للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة لذلك لا تؤيد الثورات والانقلابات في دول المنطقة نظراً لعدم الاستقرار الذي يتبعها وتأثر تلك الدول اقتصاديًا مما يفاقم المشاكل التي تعاني منها ويحول دون تحقيق النتائج التي تتطلع لها الشعوب الثائرة. فعلى سبيل المثال لدى حدوث الثورة التونسية سمحت المملكة للرئيس التونسي في وقتها زين العابدين بن علي بالقدوم إلى المملكة على الرغم من رفض عدة دول استقباله وأعلنت في الوقت ذاته عن تقديرها للظروف الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي وأعربت عن تمنياتها بأن يسود الأمن والاستقرار في تونس خاصة والوطن العربي عامة. وفي مصر أكدت المملكة على ضرورة حفظ الأمن والاستقرار. أما في البحرين جرت مظاهرات شعبية بإيعاز من إيران شارك فيها بعض المندسين عبر ممارسة أعمال عنف وتخريب ومحاولات للزج بالبلاد إلى نفق مظلم عنوانه التوتر وعدم الاستقرار، وعلى أثر ذلك قامت المملكة استجابة لطلب الحكومة البحرينية وبالتنسيق مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات درع الجزيرة التابعة للمجلس لإخماد الفتنة والاحتجاجات بالبحرين. وفي الجمهورية اليمنية اندلعت مظاهرات ضد الرئيس علي عبدالله صالح مما أدى إلى إطلاق المبادرة الخليجية وهي عبارة عن مشروع اتفاقية سياسية أعلنتها دول الخليج في 2011 للوصول إلى حل سلمي عبر ترتيب نظام نقل السلطة في البلاد، وجرى في الرياض في 23 نوفمبر 2011، وبرعاية الملك عبد الله التوقيع على خطة للانتقال السياسي، الذي كان قد رفضه صالح سابقًا.
مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات:
من منطلق سعي الملك عبدالله لإظهار سماحة ووسطية الدين الإسلامي الذي تتخذه المملكة دستورًا لها، قام بإنشاء منظمة دولية تعنى بالحوار بين أتباع الديانات والثقافات عام 2012م، تضم في عضويتها كل من وجمهورية النمسا ومملكة إسبانيا إلى جانب الفاتيكان، واتخذ المركز من فيينا مقرًا له. ويسعى المركز إلى الدفع بمسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع، وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم والشعوب. ويرى المركز أن الدين قوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون لتحقيق الخير للبشرية؛ حيث يعمل على معالجة التحديات المعاصرة التي تواجه المجتمعات، بما في ذلك التصدي لتبرير الاضطهاد والعنف والصراع باسم الدين وتعزيز ثقافة الحوار والعيش معًا. ويُعد المركز أول منظمة دولية تعمل على تفعيل دور الأفراد والقيادات والمؤسسات الدينية لمساعدة صانعي السياسات في بناء السلام والتعايش السلمي تحت مظلة المواطنة المشتركة.
دور المملكة في مواجهة الأوبئة:
تشكل الأوبئة التي ازدادت وتيرتها ونطاقها في العقود الماضية تحديًا رئيسيًا لكافة الدول، وفي عهد الملك عبدالله اجتاح وباء إيبولا افريقيا وفي إطار مساهمة من المملكة في الجهود الدولية لمكافحة الوباء الذي طال غينيا وليبريا وسيراليون وعدد آخر من بلدان غرب افريقيا عام 2014م، منعت المملكة من قدوم الحجاج والمعتمرين من الدول الموبوءة للحد من انتشاره وحفاظًا على سلامة المعتمرين والحجاج من الدول الأخرى، كما أمر الملك عبدالله بتقديم مساعدات مالية للقضاء على الوباء.
Comments