-رسيل المهيدب
عندما نتمعن في تاريخ المملكة العربية السعودية وبداية تطورها ونهضتها الحضارية، علينا ألَا نغفل عن الازدهار الحضاري الذي مرت به في عهد الملك سعود والذي يعتبر أساس أشكال الحضارة التي نعيشها في يومنا هذا. فقد شهدت السعودية تحسنًا ملحوظًا في مجالات عدة منها الصحة، والتعليم، والمواصلات. وفي مجال السياسة الخارجية؛ فقد سار الملك سعود على نهج والده المؤسس عبد العزيز بالحفاظ على وضوح واستقلالية سياسة المملكة تجاه دول العالم. وإضافة إلى ذلك، نقل وزارة الخارجية من جدة إلى الرياض وأصبحت لاحقًا إحدى أهم العواصم الدبلوماسية في العالم. وقد استشعر الملك سعود أهمية الإعلام الخارجي ورسم صورة مشرقة عن المملكة في مختلف دول العالم، فأمر بإنشاء مكاتب صحفية في السفارات والمفوضيات مع إصدار مجموعة من النشرات والمجلات والكتب.
المملكة والعالم العربي:
عملت المملكة جاهدة لتحقيق السلام في العالم العربي، وقدمت الدعم المادي والمعنوي للدول المحتاجة، وناصرت الدول المظلومة ودافعت عنها وعن حقها. ففي عام 1956 عندما وقعت مصر ضحية للعدوان الثلاثي من قبل بريطانيا وفرنسا و"إسرائيل"، قامت المملكة بقطع علاقاتها مع بريطانيا وفرنسا وأوقفت تموينها لسفنهم. وفي عام 1961 عندما هدد حاكم العراق اللواء عبد الكريم قاسم بضم الكويت إلى بلاده وقفت المملكة بجانب الكويت ضد قراره بشكل حازم. وعندما ثار الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، أيدت المملكة شعب الجزائر وأمدتهم بالتبرعات المادية حتى نال استقلاله في 1962.
وفي احتفال تسيير ناقلة الزيت السعودية، ألقى الملك سعود كلمته أمام وفد صحفي دولي وبيّن فيه سياسة حكومته، وأكد فيه على أحقية الدول العربية بالحرية والسلام ورفضه لجميع أشكال الظلم والعدوان الذي كان يقع على بعض الدول وقتها مثل فلسطين ودول شمال إفريقيا. وأعلن عن ثبات موقف المملكة بمساعدة الدول العربية الشقيقة حتى تنال كافة حقوقها وعلى رأسها فلسطين المحتلة.
ولم تقف جهود الملك سعود عند هذا الحد، بل وقف وقفةً صارمةّ ضد التحالفات الغربية التي رأى أن الهدف منها تمزيق الوحدة العربية مثل حلف بغداد 1955. فقد وقعت كل من بريطانيا، وباكستان، وإيران، وتركيا، والعراق ما عرف بمعاهدة الشرق الأوسط أو حلف بغداد. وعُدّ الحلف في نظر بعض المؤرخين الغربيين، محاولة من الغرب، لمد حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى الشرق الأوسط.
وكنتيجة لدور المملكة في العالم العربي وما تقدمه من مساعدات، تعززت علاقة المملكة مع العديد من الدول العربية. وشاركت المملكة في اجتماعات أقطاب العرب في القاهرة مرات عديدة. وكانت آخر أعمال الملك سعود في الحكم هي ترأس الوفد السعودي إلى مؤتمر القمة العربي الأول الذي عقد بالقاهرة في 1964.
المملكة والعالم الإسلامي:
حرصت المملكة على توطيد علاقاتها الدولية مع الدول الإسلامية والدول التي يوجد بها نسبة كبيرة من المسلمين، وتم تبادل الزيارات الثنائية مع الدول الآسيوية مثل إيران وباكستان، ودول القرن الإفريقي مثل إثيوبيا والصومال والعديد من الدول الإسلامية الأخرى. ونتج عن كل تلك الزيارات علاقات مثمرة مستمرة إلى يومنا هذا.
في عام 1962م، عقد مؤتمر العالم الإسلامي في مكة المكرمة وفيه أصدر قرار إنشاء منظمة رابطة العالم الإسلامي ويكون مقرها الرئيسي مكة المكرمة، وتهدف المنظمة إلى التعريف بالإسلام والدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية وتقديم المساعدات للأقليات الإسلامية وجمع شمل الدول المسلمة وتعزيز العلاقات بينها.
موقف المملكة في العدوان الثلاثي:
عند ما أعلن الرئيس المصري جمال عبد الناصر نقل أو تأميم قناة السويس من ملكية الحكومة الفرنسية إلى المصرية في عام 1956م إثر رفض البنك الدولي تمويل الحكومة المصرية قرضًا لبناء السد العالي قررت الحكومة البريطانية فورًا تجميد الأرصدة المالية لمصر في بنوك إنجلترا ثم قامت إلى جانب فرنسا و"إسرائيل" بالاعتداء على مصر بما سمي بالعدوان الثلاثي الذي لم يحقق مبتغاه بعد تحرك الدبلوماسية العالمية لعدد من الدول بما فيها المملكة العربية السعودية التي ساهمت بدور فاعل إلى جانب الجهود الدولية في تحرير سيناء وإعلان سحب القوات المعتدية ونشر قوات طوارئ في سيناء بعد حوالي شهرين فقط.
Comentarios