- ترجمة: شهد بانخر
كانت حرب الأيام الستة -أو ما تُعرف بحرب 1967 أو نكسة حزيران- حربًا دمويةً امتدت لفترة قصيرة واندلعت بين قوات الاحتلال الإسرائيلية، ومصر، وسوريا، والأردن في شهر حزيران عام 1967، حيث شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجومًا جويًا استباقيًا أدى إلى إعاقة القوات الجوية المصرية وحلفائها. بعدها قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بهجومٍ بري ناجح واستولت على شبه جزيرة سيناء في مصر وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية في فلسطين ومرتفعات الجولان في سوريا. انتهت هذه الحرب القصيرة بعدما توسطت الأمم المتحدة وأوقفت إطلاق النار، ولكن غيرت هذه الحرب خارطة الشرق الأوسط للأبد وأدت إلى استمرار الاحتكاك الجيوغرافي السياسي.
بدء حرب الأيام الستة:
تعد سلسلة النزاعات على الحدود بين الأراضي الفلسطينية المحتلة والدول العربية بمثابة الشرارة الرئيسية لحرب الأيام الستة حين بدأت القوات المسلحة الفلسطينية المدعومة من سوريا بحلول منتصف الستينات بشنّ هجمات عبر حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، ممّا أدى إلى شنّ هجمات انتقامية من جهة قوات الاحتلال الإسرائيلية، كما تفاقمت الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلية وسوريا في نيسان عام 1967 بعد الخوض في اشتباكات جوية ومدفعية شرسة دُمرت فيها ست طائراتٍ سورية. وفي أعقاب معركة نيسان الجوية، زوَّد الاتحاد السوفييتي مصر بمعلومات استخباراتية تفيد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلية كانت تنقل جنودها إلى الحدود الشمالية المشتركة مع سوريا استعدادًا لغزوٍ شامل، وبالرغم من أن هذه المعلومات لم تكن دقيقةإلا أنها دفعت الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلى التحرك، فقد أمر القوات المصرية بالتقدم إلى شبه جزيرة سيناء لإظهار دعمه لحلفائه السوريين حيث طردت القوة الحافظة للسلام والتابعة للأمم المتحدة والتي كانت تحرس الحدود الإسرائيلية لأكثر من عقدٍ من الزمن.
اندلاع حرب الأيام الستة:
شنت القوات المسلحة للاحتلال الإسرائيلي هجومًا جويًا منسقًا على مصر صباح يوم 5 حزيران 1967 حيث أقلعت مائتي طائرة من قوات الاحتلال الإسرائيلية وحلقت غربًا فوق البحر الأبيض المتوسط قبل أن تصل إلى مصر شمالًا، وفي ذلك اليوم بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلية بالعملية Focus وبالعبرية تسمى (العملية موكد)، أي عملية البؤرة، ويشار إليها أحيانًا باسم "ضربة سيناء الجوية". وبعد الهجوم على المصريين على حين غرة، قاموا بالهجوم على 18 مطارًا مختلفًا وقضوا على ما يقارب 90% من القوات الجوية المصرية عند هبوطها على الأرض، كما وسعت قوات الاحتلال الإسرائيلية نطاق هجومها وقضت على القوات الجوية الأردنية، والسورية، والعراقية، وبحلول نهاية يوم 5 حزيران انتصر طيارو قوات الاحتلال الإسرائيلي واستولوا على سماء الشرق الأوسط بالكامل. وبالرغم من تأمين قوات الاحتلال الإسرائيلي لانتصارها جويًّا إلا أن القتال العنيف استمر لعدة أيامٍ أخرى، حيث اقتحمت دبابات قوات الاحتلال الإسرائيلية الحدود وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة. كما فُتحت جبهة أخرى يوم 5 حزيران عندما بدأت الأردن بقصف المواقع المحتلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية في القدس، مما أدى إلى تعرضها لهجوم "إسرائيلي" مدمر على القدس الشرقية والضفة الغربية. بعدها استولت قوات الاحتلال الإسرائيلية على القدس القديمة في 7 حزيران واحتفلت بالصلاة عند حائط البراق.
احتفال قوات الاحتلال الإسرائيلية بالنصر:
وقعت المرحلة الأخيرة من حرب الأيام الستة على طول حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة الشمالية الشرقية مع سوريا يوم 9 حزيران، حيث شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلية هجومًا جويًا مكثفًا على منطقة مرتفعات الجولان في سوريا ونجحوا في الاستيلاء عليها في اليوم التالي. وفي يوم 10 حزيران، توسطت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار وانتهت حرب الأيام الستة نهايةً مفاجئة، كما قُدِّر فيما بعد أن ما يقارب 20,000 عربيًا و800 "إسرائيلي" قد لاقوا حتفهم خلال 132 ساعة فقط من القتال. أُصيب قادة الدول العربية بالصدمة الشديدة نتيجة هزيمتهم، حتى أن الرئيس المصري ناصر قد استقال من شدة العار لكنه سرعان ما عاد إلى منصبه بعد أن أظهر المواطنون المصريون دعمهم بمظاهرات عارمة في الشوارع. ومن جهةٍ أخرى، كانت البهجة تسود الأجواء في الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد أن استولت في أقل من أسبوع على جزيرة سيناء في مصر وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية في فلسطين ومرتفعات الجولان في سوريا.
إرث حرب الأيام الستة ونتائجها:
نتج عن حرب الأيام الستة عواقب جغرافية وسياسية بالغة الأهمية في الشرق الأوسط، حيث أدت إلى إشعال نيران الصراع العربي "الإسرائيلي" وكانت الأراضي التي استولت عليها قوات الاحتلال الإسرائيلية في حرب الأيام الستة محور الجهود الرامية إلى إنهاء ذلك الصراع، حيث اجتمع قادة الدول العربية في آب عام 1967 في الخرطوم، السودان ووقعوا على قرار تعهد ينص على منع السلام مع "إسرائيل" أو الاعتراف بها أو التفاوض معها. أعادت قوات الاحتلال الإسرائيلية شبه جزيرة سيناء إلى مصر في عام 1982 كجزء من معاهدة سلام ثم انسحبت من قطاع غزة في عام 2005، ولكنها واصلت احتلال الأراضي الأخرى المُطالب بها في حرب الأيام الستة و استيطانها، وأبرزها مرتفعات الجولان والضفة الغربية، وما زال وضع هذه الأراضي يشكل عثرةً في مفاوضات السلام العربية "الإسرائيلية".
مقتبس من موقع:
History.com
Comments